05 نوفمبر، 2011

الاعلام البديل

الاعلام البديل
الصحفي رافد عجيل فليح
يشكل الاعلام البديل في الالفية الجديدة النافذة التي يطل منها الغالبية العظمى من الافراد, الاقليات والشعوب المقموعة والمحرومة من التمثيل في الاعلام والتعبير عن نفسها وهوياتها وتطلعاتها نحو الحرية وهو معني في ايجاد وسائل ,اساليب وسياسات اتصالية بديلة عن الاعلام المهيمن والمسيطرلكونه اصبح جزء لايتجزء من الحياة اليومية لهذه الغالبية ,ان الاعلام البديل يشير الى جملة من تطبيقات النشر الالكتروني والاتصال الرقمي بستخدام وسائل الاتصال والاعلام المختلفة فضلاً عن تطبيقات اللاسلكية والاتصال عبر الاقمار الاصطناعية في سياق التزاوج بين تكنولوجيا الاتصال والمعلومات اذ يتم من خلالها تشغيل الصوت والفديو واجراء الاتصال الهاتفي وارسال البريد الالكتروني , هناك العديد من المعاني المتعارف عليها لتفسير وفهم الاعلام البديل منها ان يكون في مقابل الاعلام المسيطر حيث يعد مكوناً اساسيأً في ترسيخ مفهوم المواطنة وقيم المجتمع المدني ووسيلة مهمة للوجود والتمثيل بالنسبة للمجتمعات المحلية والاقليات في تحديها هيمنة وسطوة الرقابة الشديدة المفروضة عليها من قبل الانظمة الشمولية .
الاعلام البديل يتمثل بالمواقع الالكترونية ,سوى كانت بوبات الاخباراوالصحف والمجلات الالكترونية والاذاعات المحلية و الفضائيات الخاصة و كذلك المواقع الاعلامية الشخصية , المراصد الاعلامية, النشرات البريدية , اللوائح البريدية, المدونات, المنتديات وغرف الدردشةالتفاعلية ذات الوسائط المتعددة .
هناك مذهبان لتحديد هوية الاعلام البديل(1) :
يسمى المذهب الاول بمذهب الاسس الجوهرية ويميل هذا المذهب او المنهج الى رؤية الهويات على انها مستقلة ومستقرة وذات جوهر حقيقي وهذا بدوره يعطي هوية مستقلة لوسائل الاعلام المجتمعية .
اما المذهب الثاني فيسمى بمذهب العلاقي وهو يرى ان الهويات تعتمد على بعضها البعض بشكل متبادل وتتجاهل وجود الجوهر(الحقيقة).
هناك اربعة مناهج نظرية بالاعتماد على هذين المذهبين لدراسة الاعلام البديل (2):
1- منهج خدمة المجتمع (يعتمد على مذهب الاسس الجوهرية) .
2- منهج الاعلام البديل في مقابل الاعلام السائد التقليدي(يعتمد على مذهب العلائقي).
3- منهج الاعلام البديل الذي هو جزء من المجتمع المدني(يعتمد على مذهب الاسس الجوهرية والعلائقي).
4- منهج الاعلام البديل الجذمور(يعتمد على مذهب العلائقي).
يركز المنهج الاول على ان الاعلام البديل يكون في خدمة المجتمع المدني والمجتمع هنا يمثل المحيط او الوسط الذي تبث له وسائل الاتعلام البديل وهو غالباً ما يكون المجتمع المحلي وليس المجتمع الاكبر حيث تتم المشاركة الفعالة من قبل جمهور المجتمع المحلي في النقاشات العالم لحل القضايا والمشكلات من خلال الحور وهنا وسائل الاعلام البديل تسهل عملية المشاركة للجمهور اللذي هو مجموعة من الافراد تربط بينهم سلسلة من العلاقات الجماعية بغض النظر عن الترايط الجغرافي والاقتصادي.
اما المنهج الثالني الاعلام البديل كبديل للاعلام السائد او المهيمن بمعنى ان الاعلام البديل يكو نالصوت المعبر عن المجموعات المختلفة من الممثلين سوى كانوا مجموعات عرقية او اجتماعية او ثقافية غير ممثليين بدرجة كافية في وسائل الاعلام السائد او تهمشهم هذه الوسائل فهي ترتبط في علاقة سالبة مع الاعلام المسيطر حيث ان هذه الاخيرة واسعة النطاق وهي موجهة الى جمهور واسع وغير متجانس وتكون مملوكة للدولة يعمل فيها موظفون يمتلكون مهارات حرفية عالية وهي صوت الدولة والنظام السائد ,
في حين ان وسائل الاعلام البديل هي صغيرة النطاق وموجهة نحو مجتمعات صغيرة ومحدودة ومعينة وهي حرة بمعنى انها مستقلة عن الدولة والنظام و هي تسمح بمشاركة الجمهور في اطار الديمقراطية وهي صوت الفئات المحرومة والمهشة وتسعى الى ايصال صوت هذه الفئات المقموعة والتعبير عن ذاتها.
في حين المنهج الثالث الذي يسعى الى ربط الاعلام البديل بالمجتمع المدني وهنا يشير مصطلح المجتمع المدني الى انه (المجتمع الذي يضم مجموعة من المؤسسات "وليس مجرد منظمات "تستطيع ان تلعب دور الفاعل في عملية التغير الاجتماعي والسياسي و الثقافي وكلما تطور دورها في عملية التغير كلما اتسمت بمرونة اكبر في استجابتها للبنية الاجتماعية هي ذات فعل قائم على الفعل الطواعي والمبادرة و النزوع للعمل الطوعي )(3).
ان من مميزات منظمات المجتمع المدني (هو الفعل الارادي الحر والتطوعي وعدم السعي للوصول الى السلطة السياسية فهي عامل ضغط وتاثير على القرار السياسي من خلال تجميع المصالح والمطالب الاجتماعية لايصالها الى النظام السياسي)(4).
ان وسائل الاعلام البديل ذات تنظيم افقي وتسمح بمشاركة كاملة وتضفي صيغة ديمقراطية على الاتصال وهي مستقلة حرة تخضع لاشراف ممؤسسات منفصلة , ترفض المنح المقدمة من الدولة والمجالس البلدية ,تشجع العمل التطوعي الحر وتأمن مشاركة ووصول الافراد غير المهنيين ولها معاير مختلفةلاختيار لاخبار محتوى رسائلها يكمن في تناقضها مع الخطابات السائدة ولها رؤية بديلة للسياسات المهنية وهي تسمح للجمهور بالتعبير عن انفسهم وذواتهم بشكل حر ومستقل ,وتركيبة جمهورها من الشباب و النساء والاقليات وسكان القرى والارياف ونطاق بثها محلي وليس اقليمي او قومي .
وبذلك نجد ان الاعلام البديل جزء من المجتمع المدني وهي صوت الثالثبعد صوت الدولة والاعلام التجاري وهناء يمكن ان يحدث ويبرز صراع بين وسائل الاعلام البديلة و الدولة والسوق .
المنهج الرابع منهج الاعلام البديل الجذمور ان مصطلح الجذمور يعبرعن نفسه بواسطة الخطوط (العلاقات) فحسب، فليست للجذمور بداية ولا نهاية، لكن له دائماً وسطاً (ليس مركزا) ينمو عبره ومن أهم خصائص الجذمور أن له مداخل متعددة,إن أي نقطة يمكنها أن ترتبط بأي نقطة أخرى داخل نفس النسيج،ان الاعلام الجذموري يركز على دور وسائله في المجتمع المدني وطبيعتها المراوغة المحيرة وترابطها وصلتها بالسوق . ان الاعلام الجذموري مفترق طرق يلتقي عنده ويتعاون اناس من مختلف الحركات والنضالات, وهو يعمق الديمقراطية ويبرز مرونة واحتمالية المنظمات الاعلامية ,ان الطبيعة المراوغة للجذمور تجعل من الصعب التحكم في وسائل الاعلام البديل وتحجيمها ويضمن ذلك استقلالها.
خصائص الاعلام البديل :
يمثل حالة التزاوج بين الكومبيوتروتكنولوجيا الاتصال والانترنيت ,له طابع ووجود دولي يتخطى الحدود ,سرعة تغطية الاحداث ونقل الاخبار وسهولة التصفح والحصول على المعلومة والبحث عنها وهو اعلام مفتوح وحر الى حدً كبير ويتسم بالاستقلالية ويتجاوز الرقابة ومضاد لها ويعمل من اجل انهاء عصور القمع والاستبداد السياسي . وقد فتح هذا الاعلام نافذة كبيرة كانت موصدة لمناقشة المحظورات مثل الدين وحقوق الانسان والمرأة, يعطي هذا الاعلام امكانية مشاركة الكاتب مع القارى في حالة من التفاعل الناجح المثمر عن طريق المراسلة والتصويت والتعليق والاتصال المباشر,كمالا يحتاج الى امكانات وملاكات واقل كلفة من الاعلام التقليدي.
الاشكالات التي تواجه الاعلام البديل:
عدم القدرة على التحقق والوثوق من صحة ومصداقية العديد من البيانات والمعلومات التي تحويها المواقع الالكترونية,وكذلك سهولة المساس بالقيم الدينية والاجتماعية للمجتمعات ,ضعف السيطرة على نشر العنف والتطرف والارهاب, عدم التوازن في نوعية وحجم الرسائل الاعلامية الموجهة وبين استعداد المتلقي لها , انتهاك الخصوصية وحقوق النشر والملكية الفكرية وارتكاب الجرائم الالكترونية .
المصادر :
1- اولجا ,بارت, نيكوكاربنتير, فهم الاعلام البديل,ترجمة علاء احمد, الناشر مجموعة النيل العربية , القاهرة 2009,ص26
2- المصدر نفسه,ص29 .
3- صالح ياسر,بعض اشكاليات المجتمع المدني والمجتمع السياسي والديمقراطي, بغداد,الناشر طريق الشعب,بدون سنة طبع,ص12 .
4- ياسين البكري,عبد العظيم جبر حافظ,في الثقافة الديمقراطية,الناشر مؤسة مصر المرتضى للكتاب العراقي,1011 ,ص26 .
rafedajeel@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق