02 أبريل، 2012

الإعلام وحرية الرأي في العراق. مدخل تاريخي



الإعلام وحرية الرأي في العراق. مدخل تاريخي
الصحفي رافد عجيل فليح
يعد صدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 ،كأول وثيقة دولية رسمية تشير الى علاقة الاعلام بحقوق الانسان ولا سيم حرية الرأي والتعبير والنشر حيث نصت المادة التاسعة عشر منه على ان لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الرأي حرية اعتناق الاراء دون تدخل واستقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها بأي وسيلة كانت دون التقيد بالحدود الجغرافية ونجد ان العراق من الدول الاوائل في الشرق الاوسط والسباقة الى اصدار التشريعات الخاصة بحرية الاعلام والتعبير والنشر حيث كان صدور القانون الاساسي العراقي لعام 1925 وهو اول دستور للدولة العراقية الحديثة فقد افرز هذا الدستور في بابه الاول المسمى (بحقوق الشعب) في مادة الثانية عشر على حرية ابداء الرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات ثم اقر الدستور العراقي المؤقت الصادر في 28 تموز 1958 في بابه الثاني من مادته العاشرة على حرية الاعتقاد والتعبير هذه الحرية الممنوحة بموجب الدساتير قد اتاحت لرجالات الفكر العراقي من السياسين والكتاب والادباء الى اصدار الصحف للتعبير عن ارائهم وافكارهم وبرامجهم السياسية الا ان هذا لايعني ان الصحافة العراقية في تلك الفترة خصوصآ في النصف الاول من القرن الماضي كانت تمر بفترة ذهبية فقد عانت الصحافة العراقية عبر تارييخها الطويل الى الكثير من القيود والاجراءات التعسفية المتمثلة بالتعطيل والغاء المطبوع وسجن الصحفيين والتنكيل بهم لان الصحافة في تلك الفترة وكما هو شأنها في في أي ضرف وزمان تعبر عن امال وتطلعات الشعوب وسعيها نحو الحرية ولما كانت الديمقراطية في اهم مضامينها تعني حرية الشعب في التعبير عن اراءها وافكارها لذلك كانت الصحافة من اهم الوسائل الديمقراطية في التعبير عن الاراء والاتصال بالشعب وممارسة هذه الحرية من قبل الشعب من اهم مظاهر الديمقراطية لقد خضعت الصحافة العراقية الى رقابة شديدة شلت العمل الصحفي وكبلته بقيود كثيرة خصوصا قوانين المطبوعات التي صدرت منذ القانون المطبوعات العثماني الصادر في 16 تموز عام 1909 الى القوانين التي اصدرها المشرع العراقي في الاعوام 1931و1932 و1933 والتي كانت بمجملها خاضعة لتوجيهات وسيطرة الحكومات الدكتاتورية حيث ان هذه الحكومات كانت تتجاوز على مواد الدستور وتصدر احكاما مخالفة له كما في قانون المطبوعات رقم 24 لسنة 1954 وخلال النصف الاول من القرن الماضي صدرت الكثير من الصحف العراقية التي عانت الكثير في ظل ضروف التعطيل والغاء حتى ان الصحيفة الواحدة كانت تغير اسمها مع بقاء صاحب الامتياز والمسؤولية وكادرها الصحفي نفسه تهربا من التعطيل ونذكر بالخصوص صحيفة البلاد التي صدر العدد الاول منها يوم الجمعة 25/10/1929 فكانت اول جريدة يومية سياسية جامعة تصدر بستة صفحات وكان صاحب امتيازها ومديرها المسؤول الاستاذ روفائيل بطي والتي عطلتها الوزارة السعيدية الاولى في 8 مايس عام 1930 ثم مالبثت ان صدرت بأسم آخر هو صوت العراق وصدر عددها الاول في 10 مايس 1930 وكان صاحبها الاستاذ روفائيل بطي ومديرها المسؤول المحامي علي محمود الشيخ ثم مالبثت ان تعطلت بعد ايام قليلة من صدورها لتحل محلها جريدة الجهاد حيث صدر العدد الاول في 27 تموز عام 1930 وكان صاحبها روفائيل بطي يشاركه المسؤولية المحامي سلمان الشيخ داود ثم مالبثت ان منيت بالتعطيل بعد ايام قليلة من صدورها لتحل محلها صحيفة الاخبار التي صدر عددها الاول في 18 حزيران 1931 وكان مديرها المسؤول روفائيل بطي وقد منيت بالتعطيل الاداري بعد ايام قليلة من صدورها وهكذا كانت معاناة الصحف العراقية في ذلك الزمن الغابر مثل صحيفة الرافدان لصاحبها عبد الغفور البدري وصحيفة الفرات لصاحبها محمد مهدي الجواهري وصحيفة الكرخ لصاحبها الشاعر العراقي المعروف الملا عبود الكرخي وغيرها الكثير من الصحف التي كانت تعاني من بطء في تطورها نتيجة القيود المتمثلة بقوانين المطبوعات التعسفية كما ان الظروف السياسية غير المستقرة كانت عائقا امام اصحاب الامتياز في تطور النشر والطباعة خوفا من بطش السلطات والوقوع في الازمات المالية ومن خلال ذلك نجد ان الصحافة العراقية خلال تاريخها الطويل لم تمنح حرية تذكر قياسا بالمفهوم الحقيقي لحرية الصحافة .
rafidajeel@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق